الخط العربي هو
فن و تصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تستعمل
الحروف العربية.
تتميز الكتابة العربية بكونها متصلة مما يجعلها قابلة لإكتساب أشكال
هندسية مختلفة من خلال المد والرجع والإستدارة والتزوية والتشابك والتداخل
والتركيب
[1].
و يقترن فن الخط
بالزخرفة عربية (أرابيسك) حيث يستعمل لتزيين المساجد و القصور، كما أنه يستعمل في تحلية المخطوطات و الكتب و خاصة لنسخ
القرآنالكريم. و قد شهد هذا المجال إقبالا من الفنانين المسلمين بسبب نهي
الشريعة عن تصوير البشر و الحيوان خاصة في ما يتصل باﻷماكن المقدسة و
المصاحف
[2].
يعتمد الخط العربي جماليا على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط
والنقطة والدائرة، وتُستخدم في أدائه فنيا العناصر نفسها التي تعتمدها
الفنون التشكيلية الأخرى، كالخط والكتلة، ليس بمعناها المتحرك ماديا فحسب
بل وبمعناها الجمالي الذي ينتج حركة ذاتية تجعل الخط يتهادى في رونق جمالي
مستقل عن مضامينه ومرتبط معها في آن واحد
[3].
يوجد الكثير من اﻷنماط في الخط العربي و يمكن تقسيمها إلى عائلتين حسب اﻷسلوب
[4]:
- الخطوط الجافة أو اليابسة، وحروفها مستقيمة ذات زوايا حادة، و من أشهرها الكوفي.
- الخطوط المستديرة أو اللينة، و حروفها مقوسة و من أشهرها النسخ.
تاريخ الخط العربي[تحرير] المرحلة المبكرةالآيات 86 و 87 من
سورة الأعراف كتبت بخط كوفي مبكر (أوائل
القرن السابع ميلادي)، لاحظ غياب التنقيط و التشكيل.
ظهر الخط العربي الشمالي أو خط الجزم، و هو الخط الشائع المتصل خلافا
للخط المسندي الحميري الذي كان منتشرا في جنوب الجزيرة العربية، في
القرن الرابع ميلادي من خلال تأثير الخط
النبطي الذي نشأ بدوره من نمط الكتابة
الأرامية [5].
و لا تزال بعض الحروف العربية تستعمل أسماء بعض الحروف النبطية مثل الألف
و الواو و الميم و النون مع بعض الحروف التي ترسم بنفس الطريقة مثل الطاد
و الصاد و العين
[6]. و تطور هذا الخط و إزدهر في
القرن الخامس و
القرن السادس ميلادي في أوساط القبائل العربية
بالحيرة و
الأنبار و إنتشر منها إلى شمال غربي
الجزيرة العربية في
الحجاز و
الطائف عن طريق القوافل التجارية. و يعتقد بأن سادة
قريش، بشر بن عبد الملك و صهره حرب بن أمية قاما بنشر و إدخال هذا الخط في قبائل
مكة قبل مجيء
الإسلام [7].
و قد كان العرب، في
الجاهلية، يميزون أربع أنواع من الخطوط و هي الحيري (من الحيرة)، و الأنباري (من الأنبار)، و المكي (من مكة)، و المدني (من
المدينة). و قد إستخدم
إسحاق بن النديم (
767 -
849م)، مؤلف الفهرست، لفظ الكوفي لأول مرة للدلالة على الخط الحجازي الحيري، و هو أقدم أنواع الخطوط و أستعمل في رسم المصحف العثماني
[8]. و خلافا لما يشاع، لا علاقة لمنشأ الخط الكوفي بمدينة
الكوفة لأنه لم يتم إنشائها إلا في
638م، فيما ظهر هذا الخط قبل هذا التاريخ بحوالي مئة سنة
[9]. و قد بلغ الخط الكوفي إكتماله في نهاية منتصف
القرن الثامن و
القرن التاسع ميلادي (القرن الثاني و الثالث للهجرة)، و كان يشكل النمط الرئيسي لنسخ
القرآنالكريم، حيث لم يقع تنقيطه و تشكيله إلا بعد وفاة رسول الإسلام محمد، في
أوائل القرن الأول للهجرة حسب ما تشهد به عدة مخطوطات من ذلك التاريخ
[10].
[تحرير] مرحلة التجديد في الخط العربيمثال على تطور نظام الكتابة العربية من
القرن التاسع إلى
القرن الحادي عشر،
(1) البسملة كتبت بخط كوفي غير منقط ولا مشكّل، (2) نظام أبو الأسود
الدؤلي المبكر و يعتمد على تمثيل الحركات بنقاط حمراء تكتب فوق (الرفعة)،
تحت (الكسرة)، أو بجانب (ضمّة) الحرف (و يستعمل نقطتين لتنوين) (3) تطور
النظام بتنقيط الحروف (4) نظام الخليل بن أحمد الفراهيدي، المستعمل إلى
اليوم، وضع رموز مختلفة للحركات فيما تبقى النقاط لتمييز الحروف.
عندما إنتشر الإسلام خارج ربوع الجزيرة العربية، دخل عدد مهم من
الشعوب، على إختلاف هوياتهم، إلى الدين الجديد و صارت اللغة و الكتابة
العربية اﻷكثر إستعمالا في عدة مجالات. و قام المسلمون الجدد بتطويع فن
الخط لتدوين لغاتهم و كطريقة للتعبير عن مرجعياتهم الثقافية. و قد قاد هذا
التنوع الفكري، الذي تميزت به تلك المرحلة، إلى قيام مدارس خط و أنماط
خاصة مثل
خط التعليق في بلاد
فارس و
الخط الديواني على يد اﻷتراك. و كانت أولى خطوات التجديد في نظام الكتابة العربية في عهد
الدولة اﻷموية، حيث قام
أبو الأسود الدؤلي (
603 -
688م) بوضع
علم النحو، و نظام تنقيط في رسم الحركات توضع فوق أو تحت أو بجانب الحرف، و إنشر هذا النظام في عهد
الحجاج بن يوسف. و قد كتب القرآن الكريم في تلك المرحلة بلونين مختلفين باﻷسود للحروف و باﻷحمر أو اﻷصفر لعلامات الإعراب.
و في مرحلة ثانية، حوالي
786 ميلادي، قام
الخليل بن أحمد الفراهيدي (
718 -
791م) بإدخال نظام مغايير
للتشكيل، لا يعتمد على اﻷلوان و إنما على رموز مختلفة لرسم الحركات و الهمزة و الشّدة
[11].
[تحرير] أنواع الخطوط[تحرير] خط الثلثمن أروع الخطوط منظرا وجمالاً وأصعبها كتابة وإتقانا, كما أنه أصل
الخطوط العربية، والميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط. ولا يعتبر الخطاط
فناناً مالم يتقن خط الثلث، فمن أتقنه غيره بسهولة ويسر، ومن لم يتقنه لا
يُعدّ بغيره خطاطاً مهما أجاد.و يمتاز عن غيره بكثرة
المرونة إذ تتعدد أشكال معظم
الحروف فيه ؛ لذلك يمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة، ويطمس أحيانا شكل
الميمللتجميل، ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف، ويقتصر على العناوين
وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته، ولأنه يأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة.
استعمل الخطاطون خط الثلث في تزيين المساجد، والمحاريب، والقباب،
وبدايات المصاحف. وخطّ بعضهم المصحف بهذا الخط الجميل. واستعمله الأدباء
والعلماء في خط عناوين الكتب، وأسماء الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية
والشهرية، وبطاقات الأفراح والتعزية، وذلك لجماله وحسنه، ولاحتماله
الحركات الكثيرة في التشكيل سواء كان بقلم رقيق أو جليل، حيث تزيده في
الجمال
زخرفة ورونقاً.
يعتبر
ابن مقلة المتوفى سنة (328هـ)، واضع قواعد هذا الخط من
نقط ومقاييس وأبعاد، وله فضل السبق عن غيره، لأن كل من جاء بعده أصبح عيالاً عليه, وجاء بعده
ابن البواب علي بن هلال البغدادي المتوفى سنة (413هـ)، فأرسى قواعد هذا الخط وهذّبه، وأجاد في تراكيبه، ولكنه لم يتدخل في القواعد التي ذكرها
ابن مقلة من قبله فبقيت ثابتة إلى اليوم. أشهر الخطاطين المعاصرين الذين أبدعوا في خط الثلث هو المرحوم
هاشم محمد البغدادي رحمه الله.
وشكرا